التقيت فيا ببيتها يلي الأرضية تبعو مغطاية بسجاد عجمي، والحيط مزين ببلاط خزفي أزرق قديم، والركايات في منسوجة بالرسومات العجمية، وحتى الشبابيك فيا سحر ملموس ومزينة بالدانتيل والمطرزات اليدوية، وجواهر اللولو العتيقة معباية المكان. كل شي بهل الغرفة مغمور بألوان الشرق الزاهية الغنية وحافل بالجمال والأناقة… هيدي غرفة المبدعة ناديا كمب. أول ما إجت عيني بعينا كانت لابسة قميص وبنطلون أنيقين وغريبين بآن واحد، بتحس إنها لابسة شخصيتها بتيابها، إطلالتها ما بتعبر عن اللوك الشرقي، لا بل عن اللوك اللبناني بإمتياز الممزوج بالثقافة الهيلينية الشرقية. بيطغي على لوكها الخارجي الساحر نفحة فينيقية بتضفي على شخصيتها هوية فريدة ومميزة. هل هوية اشتغلت كتير لتنقلها للمرأة اللبنانية ولتحثها على إيجاد الأسلوب لي بناسب شخصيتها الفريدة وبحررها من إملاءات الموضة والمجتمع. بيطغي على تصاميم كمب حيوية وألوان بتخطف الأنظار، منا لا صاخبة ولا هادية بل بتجمع بين الهدوء والقوة المستمدين من الطبيعية وتصاميمها بتتحلى بالعظمة والثقة وهل شي بيتجلى بالفستان لي صممتو بعام 1984 ولي بيحمل الروح نفسا لي نقلتها مجموعتها الأخيرة 2021 Miu Miu Fall (شوفوا الصورة). ولدت تصاميم كمب من عشقها للأقمشة الطبيعية والغير الإصطناعية: الحرير، المخمل، القطن، الساتان، الخام، التفتا وكل شي.. كل شي بدور بخيالها بتجسدوا من خلال الدانتيل والكروشيه والمطرزات لي بتحولها لعباءات، وجاكيتات، وشالات، وطرحات، وزنانير، وشراشف، ووسادات، ومطرزات، مشغولة بخيوط الدهب والفضة والحرير. اختصاصها؟ الفساتين بمختلف الموديلات، الموردة والطويلة والفضفاضة أو الجاكيتات المربوطة بشرايط لي كانت تشتهر فيا النساء الشرقيات بالماضي. كل قطعة بتحكي قصة ومطرزة بخيوط من الفضة والدهب والحب والحرير. وأحياناً كانت ترسم التصميم بخيالا لمدة شهر أو أكتر وتخلي أفكارها تسرح لأنها بتعرف إنو الفكرة متل النبيد بتحتاج وقت لتنضج وكل ما تعتق بتتجمل. صح إبداع كمب خرج عن المألوف، لكن الطريق لنجاحها بريادة الأعمال وشغلا الخاص في يكون مصدر إلهام لكل شخص بقرر يبقى بلبنان بهل أزمة. صممت ناديا كمب وأنتجت وأصدرت إبداعاتها الجميلة بالوقت لي كان في لبنان غرقان بحالة حرب وضيقة شبيهة للحالة لي عم نعيشها اليوم، واجهت صعوبات كبيرة لحالا لكن هل شي ما وقفا عن الإبداع والإبتكار والتألق. قدرت كمب توفر الدانتيل المصنوع على الإيد للنسوان لي بيشتغلوا ببيوتن على مختلف الأراضي اللبنانية وتخططت الخوف من خطوط التماس والحدود لي رسمتها الجهات المتخاصمة وكلام الناس المحبط. كما أرسلت منتجاتها “لأرتيزان دو ليبان” لي أعلن عن رغبتو بالتعاون معا وتبني كلفة التصدير. أما الخياطة والتطريز فسلمتن لأشخاص متخصصين ذوي الإحساس المرهف والنظرة الشغوفة. وهيك تخطت تصاميمها لبنان وتحولت لرمز من رموزو الجميلة، ولأرزة من أرزاتو الشامخة وصارت بتمثل لبنان بالخارج، وتجلى هل شي وقت لي قرر طاقم طيران الشرق الأوسط يلبس تصاميم ناديا كمب بين عامين 1974 و1979. كما تم تزيين المجلس الوطني للسياحة بشكل خاص من قبل جان لويس مينجوي وسيرج برونتز لتقديم معرض ناديا كمب للحرف اليدوية لي تخيلتوا ونفذتوا بالتعاون مع مي جنبلاط بعام 1979. وبعد عام واحد بس عرضت تراث أعمالها وبعام 1984، استقطبت مونتريال وتورنتو عروضها لي كانت جزء من معرض UCLM Lebanon-Land and People، ومن بعدها تم عرض التصاميم نفسها بقبرص عام 2002. بس تزوروا ناديا رح تلاقوا أزياء متل لوحات فنية بديعة، فيا الكتير من الإلهام والتحفيز والأمل، رح تستلهموا من سيدة بتشبه طموحاتكن تحفيزاً وتشجيعاً لتحققوا أحلامكن.
دفعها إحساسها بالجمال وروح المبادرة إلى القمة، لكن شخصيتها هي لي خلتها فوق، هي لي حافظت على تألقها. ما نطرت مين يقلها “إنتي فيكي تكوني امرأة طموحة” لأنها استمدت قوتها من نفسها. ولهيدا السبب، توقفت عن استيراد الملابس الأوروبية الجاهزة لي بتحبها المرأة اللبنانية وبلشت إبتكار ملابسها الخاصة ذات الجودة العالية. لم تعد من المستهلكين بل أصبحت من المصدرين. حياة ناديا كمب كانت دعوة، دعوة للحياة والجمال والحلم وتركت تإثير واسع على حياة الأشخاص لي قابلوها. كانت بالكاد بتبلغ من العمر 55 سنة وقت قدرت تنجى من أحداث حرب 1984 لي أودت للأسف بحياة جوزها. لكن رجعت وقفت على إجريها بفضل دعم ولادا بالمهجر على الرغم من بعد المسافة والوحدة، وقدرت رغم كل شي تتخطى تحديات الحياة اليومية بعزم ومثابرة وفن وكتير حب.
على حد تعبير الشاعرة والناشطة الحقوقية الأميركانية مايا أنجيلو، ناديا كمب مش بس نجحت بأعملها، لا بل عاشت حياة مليانة شغف وحب ورحمة مع الأهل والقرايبين وكل الناس. ورداً على سؤال لطالما راود الكتار: كيف تمكنت من تحقيق التوازن بين عملها وحياتها الشخصية؟ بتقول كمب: “هل شغلتين مرتبطين، حياتي هي شغلي وشغلي هوي حياتي، ما بوقف فكر في وين ما روح وحتى بس كون ضاهرة مع رفقاتي… بس كبرت المؤسسة كبرت المسؤولية ومجبورة ضل عتلاني هم “. ورغم كل شي وكل الصعوبات، كان ورح يبقى همها الوحيد إنو ما يوصل النهار لي توقف تحلم في.
حبت ناديا الموضة والمزج بين الأقمشة والألوان لدرجة لا توصف واختارت تطل بأسلوبٍ «تراثي» معاصر خاص فيها بميزها عن غيرها. كمب امرأة محاربة إيجابية بتتحدى الحاضر والمستقبل وبتعتبر إنو اختبار اللحظة الحاضرة أفضل بكتير من انتظار غد مجهول أو التفكير بمبارح. هيي شخص حالم للغاية وبتعتقد إنو أجمل الذكريات هي نسج التعب والتفكير والخيال. لطالما حرصت ناديا على تطوير قدراتها من وقت صغرها، وبتآمن إنو الإنسان بيجي مرة على الحياة، مرة وحدة مفعم بالأمل والأحلام والإمكانات وما لازم يضيع فرص أو يستسلم ويوقف يحلم.
ناديا كمب بالفعل قدوة لكل شخص لبناني بيحلم بتحقيق حلم! يمكن لأنها بتحب ميريل ستريب أو يمكن لأن جوزها كان بريطاني، بس فكر بناديا بتخطر على بالي صورة ميريل بمشهد فيلم Out of Africa لي بتم الترحيب فيها بنادي الرجال البريطاني بنيروبي من قبل كل رجل عبر رفعة الكاس. هل مرة مش ميريل لي لازم ينرفعلها الكاس والقبعة، لا بل ناديا كمب.