ب 14 نيسان من سنة 1912، انطلقت سفينة تايتنيك، الباخرة الضخمة، الأضخم بتاريخ البشرية بوقتها من لندن على نيويورك عبر المحيط الأطلسي. السفينة الأشهر بتاريخ العالم كلو، حملت على متنها ركاب من كل البلدان والجنسيات، كل واحد من الركاب كان عندو قصة ورايح ينبش على أمل جديد وحياة جديدة. وكام من بين هالركاب، ركاب لبنانيين اضطروا من ورا الظروف، يا من الفقر يا من الحرب، يركبوا هالتحفة اللي وصفها القبطان إنو “ما بتغرق ولا بتحترق”.
Credits: L’orient Le Jour
بس القدر ما كان هيك بدو. بعد بس أربعة أيام، اصطدمت الباخرة بجبل جليدي بالأطلسي، وسببت مأساة عظيمة، مات فيها 1517 شخص من أصل 2223 راكب كانوا ع متنها.
الحكاية اللي رح نحكيكن إياها اليوم عن ولاد ورجال ونساء لبنانيين كانوا من ضمن ضحايا هالمأساة، مش بس لأنن لبنانيين، بس لأنن واجهوا الموت بشجاعة وبطولة رغم كل الظلم يلي تعرضوله بحياتن بلبنان
ضيعة حردين البترونية كانت وحدة من المناطق اللي قدمت ضحايا لبنانيين بغرق التايتنك. بحسب الدكتور رفيق باسيل اللي حط هالحادثة بكتابو “مسيرة البطولات والدين ببلدة الثلاثين حردين”، حوالي 60 شخص من حردين ركبوا عالباخرة، هربانين من واقع صعب عايشينو، متجهين لحلم حياة أحلى بأميركا.
التفاصيل عن هالناس أو ظروفن الاجتماعية ما انذكرت كتير بشكل واضح بالمصادر القديمة، بس الدكتور باسيل (الشرق الأوسط) استند بروايتو عالروايات اللي وصلت من الناجين اللي وصلوا لعند عيلن بأمريكا بأعجوبة وبعد معاناة وصراع مع الموت الحتمي،والبعض انعرف إنو مفقود أو متوفي من ورا قرايبنن اللي كانوا بانتظارن ع شواطئ نيويورك. للأسف، وبسبب تصنيف للركاب حسب الجنسيات، هالضحايا تقريباً انمحوا من الذاكرة.
Credits: Al Arabiya
ما كانت حردين البترونية الوحيدة اللي عطت شهدا بهالمأساة. صفحة تانية من تاريخ الهجرة اللبنانية على أميركا انطوت على هالحادثة الأليمة. لائحة الضحايا ضمت لبنانيين من كل المناطق، من زغرتا لعيل كفرمشكي البقاعية، ومن صور الجنوبية لبيروت العاصمة… راحوا وبلعن البحر وما عاد حدا عرف عنن شي.
المصادر بتحكي إنو عدد اللبنانيين اللي كانوا ع التايتنك بزيد عن الـ150 شخص، ونجا منن حوالي 29 بس.
تفاصيل آخر لحظات لهالضحايا بعدها علقانة بذاكرة كل مين اتحرى عن الموضوع. الدكتور باسيل بحكايتو، نقلاً عن المعلومات اللي جمعن، بيحكي إنو شباب لبنان لما فهموا إنو الموت قريب، ما استسلموا للخوف او اليأس. بعد ما صلوا وغمروا بعض وودّعوا الكل، وقفوا صف واحد وبلشوا يدبكوا دبكة الموت عى غنية حزينة لبنانية اسمها “عالدّيها الديّها الديهّا.. العصبة انحلت شديّها”.
الدبكة لهل الشجعان ما كانت بس رقصة، كانت تعبير عن شرفن ورفضن يستسلموا للقدر المكتوب وعن حبن للبنان. اختاروا يواجهوا الموت بكرامة وبطولة على قد ما كانوا بيعرفوا وعلى قد ما كانوا قادرين، مشهد مفروض يضل محفور بالذاكرة الجماعية جيل ورا جيل.
لحد هالنهار، ضيعة حردين بتحتفل بذكرى ولادها اللي غرقوا بالتايتنك. كل سنة، أهل الضيعة بيتجمعوا وبتنغنى غنية حزينة بتخلد أسامي الضحايا وبتحكي تفاصيل هالليلة المشؤومة:
“إبكـي ونوحـي يـا حـرديــن ع الشــبّــان الغرقـانـيـن
غرق منّك 11 شب بسنّ الخمس وعشرين
مـنـهــم 7 عــزّابـــي والــبــقـــيّــة مــجــوّزيــن
ما فيهـم واحــد شــايــب كلّن بالخمس وعشرين…”
بهالطريقة نفسها، قصة هالضحايا ما اقتصرت ع حردين بس، تعدتها لكل المناطق اللبنانية اللي طالتها هالمأساة بكل قرية وبلدة لبنان حتى لو في بعض أسامي الضحايا بعد ما حدا قدر يوصلها أو يوصل لسجلاتن.
شوفوا كمان، بتعرفوا إنو فخر الدين عندو مغارة مخباية بالجبل: معلم تراثي منسي.