الفريكة أكتر من حبّة قمح، هي حكاية لبنانية من الماضي. كانوا يسموها “الفريك” أو “فريك” وكتير ناس اليوم ما عادوا يسمعوا بهالأكلة. إسمها الصحيح هو “الفريكة”، وهاي الكلمة جاية من “فرك” بالسرياني، يعني طحن أو جرش. وأحلى شي بالفريكة؟ إنها بتجي من النار، بيحرقوا سنابل القمح الخضرا ليطلع منها طعمة ولا أطيب.
بالزمانات، كان سهل البقاع إمبراطورية رومانية لزراعة القمح، واليوم صارت زراعة الفريكة شي أساسي فيه. ومن بعدها كفت هالأكلة تنتشر وبعدها لليوم زراعة الفريكة بلبنان. الستّات الريفيات هنّي يلي عرفوا قيمتها، وضلوا يستثمروا فيها لبقيت أكلة مشهورة ومرغوبة.
Credits: fao
تحضير الفريكة من زمان كان بلبوشة عن جد! أول شي، الفلاح كان يقطف السنابل وهيي بعدها خضرا، يكمشها ويكومها بأجولة. بعدين يجي دور ست البيت يلي كانت تحرقها على النار وتهويها تحت الشمسات. يعني الشغل كان يبقى يوم كامل تقريباً. كانوا يستخدموا شي إسمو “مجراية”، يلي هيي متل المجراف، ويبلشوا يحرقوا ويقلبوا السنابل على النار لحتى تاخد اللون والنكهة المرغوبة.
Credits: fao
بعد ما يحرقوا السنابل، كانوا ينقلوها على مكان يسمى “المصطاح”، ويتركوها هونيك يومين تلاتة. والسنابل هاي كانوا يدرسوها بمكنة للقمح بعدين ليصير عنا هالطعمة لي بتقرمش والقوية.
هلق مع سرعة الحياة والتكنولوجيا، هالأكلة صارت أسهل بكتير. ما عدنا بحاجة نعمل كل هالشغل بالبيت. فينا نطلبها جاهزة من عند القصاب، أو نحضرها بسرعة بمكنة فرم. بس، لما بتفكروا شوي، بتعرفوا إنو الطريقة القديمة يلي كانوا الستات من زمان يحضروها بدياتن غير، وما في شي متل الطعمة الأصيلة.
الفريكة بعدا محفورة بذاكرة اللبنانية، وما في شي بيوقف قدام حرصن على تحضيرها بالطريقة التقليدية. بيبلشو بفركها، وبيدقوا البهارات بدياتن، وبيقدموا هالطبق يلي كل لقمة منو بترجعكن للزمن الجميل. الفريكة ما بتروح من بال اللبناني، من الزغير للكبير، خصوصي المغتربين يلي بيحلموا بلقمة من هالأكلة.
Credits: lebarmy
الفريكة مش بس أكلة، هي تراث من لبنان، هي ريحة البيت، وهي قطعة من لبنان… ومهما تغيرت الظروف، بتضل الفريكة زينة الطاولة اللبنانية.