اليوم المسرح مطفي، الستارة نزلت، والتلفزيون ساكت. أنطوان كرباج فل، وفل معو شي من روح الدراما اللبنانية وشقفة من لبنان الجميل. بس خلا ورا أعمال ما بتموت. كان صوتو جزء من ذاكرة التلفزيون، ونظراتو راسخة بكل مشهد عاش معنا سنين.
ما كان مجرد ممثل، كان حضور، كان صوت جهوري بيهز المسرح، كان شخصية بتلبس الدور كأنو مكتوب خصوصي لإلو. والناس؟ حبو من دون شروط، لأنو ببساطة كان فنان من النوع النادر، يلي ما ركض ورا الشهرة، وما لعب غير دور بيشبهو.
Credits: Samir Abi Abdallah
“بربر آغا” مش مجرد دور شرير، كان شخصية محفورة بذاكرة الدراما اللبنانية. قوة، هيبة، نظرات بتخوف، وضحكة باردة بتحمل وراها ألف قصة. بعدو هالدور لليوم علامة بكل بيت لبناني حضر التلفزيون زمن الأبيض والأسود.
بـ “البؤساء”، قدر يجسد صراع “جان فلجان” بكل تناقضاتو، خلانا نحس كل وجع، كل ظلم، وكل لحظة انتصار. وبـ “ديالا”، وقف قدام هند أبي اللمع وخلق ثنائي من أجمل ما قدم التلفزيون اللبناني. غيرو كان “المفتش” بـ “لمن تغني الطيور”، وأبدع بمسلسلات تانية حفرت إسمو، متل “أوراق الزمن المر” و”عشتار”، أدوار تركت أثرها وصارت جزء من الذاكرة الجماعية.
إذا التلفزيون عرفنا علي، المسرح كان بيتو الأول لي جمعو بالرحابنة، الساحة يلي لمعت فيها عبقريتو. وقف قدام الناس وعاش كل شخصية كأنها هوي. كان يوسف بك كرم بمسرحية “يوسف بك كرم”، وكان الملك يلي قاوم الموت بـ “الملك يموت”، وكان “ماكبث” يلي انكتب من جديد بصوتو ونظراتو.
وقف بـ “أوديب ملكاً” وخلّى المسرح يهتز، لعب دور “فاوست” ونقل الجمهور بعالم الأسطورة، وكان “المهرب” يلي مشى حد نضال الأشقر بـ “يعيش يعيش”. مع الرحابنة، صار السحر أكبر: “صح النوم”، “جبال الصوان”، “ناطورة المفاتيح”، “بترا”… كلها محطات صنع فيها المجد، وكان فيها إسم ما بيتكرر.
لكن مسرحية “بنت الجبل” كانت من المحطات المهمة، حيث لعب البطولة قدام سلوى القطريب، بعمل روميو لحود يلي اقتبس من “Pygmalion” لجورج برنارد شو. قصة عن كاتب كبير يلتقي بائعة زهور بزمن ما قبل المسيح، وبحاول يحولها لفتاة مثقفة راقية.
كرباج ما كان بس ممثل، كان مدرسة، كان فنان من النوع النادر. ما ركض ورا الشهرة، ولا غير ليرضي السوق. كان على طريقتو الخاصة، بصوتو، بحضورو، بشخصياتو يلي ما بتنمحى.
اليوم، فقدنا بالجسد، بس أعمالو بعدها هون، بكل مشهد، بكل جملة قالها، بكل لحظة سرق فيها أنفاسنا. هالكبار، ما بموتوا… بيضلوا عايشين فينا، وبأعمالن، وبكل نبضة حب زرعوها بالمسرح والتلفزيون.